نقد مقاومة التطبيع: في المفهوم والآليات
هشام البستاني عدد القراءات 262
2008-11-09
هشام البستاني*
نقد مقاومة التطبيع: في المفهوم والآليات
ورقة قدمت للمؤتمر الوطني لمقاومة التطبيع، السبت 25/10/2008، مجمع النقابات المهنية، عمّان
--------------------------------------------------------------------------------
قبل قراءة النص
لا يجب ان يفهم على الاطلاق ان ما سيرد في هذه الورقة هو في معرض الهجوم السياسي على اي كان، سواء بشكل شخصي او مؤسسي، والامثلة التي سأوردها هي مجرد دلائل موضوعية حدثت على ارض الواقع ولا يعيب الدارس ذكرها والاستشهاد بها للدلالة على مكامن الخلل، لذا ارجو من الجميع قراءة هذه الورقة بعقلٍ نقدي منفتح، وبنوايا "رفاقية" حيث أن النقد صادر ممن ينطلق من نفس الارضيات، وبغرض تطوير العمل، ولا ينطلق من ارضيات نقيضة بهدف التقويض. وهذه الورقة غير مخصصة للمجاملة، الغرض منها المكاشفة الواضحة للاختلالات التي أصابت وتصيب حركة مقاومة التطبيع في الاردن بجميع فروعها وتشكيلاتها.
عَرَض لخلل بنيوي
اختلالات مقاومة التطبيع هي في جذرها انعكاس وعرض للاختلالات البنيوية للسلطة السياسية المحلية والقوى السياسية "المعارضة" العاملة في كنفها، والمعارضة هنا هي بين مزدوجين لأنها تراوح بين التذبذب، والموسمية، والقابلية للتفاوض والتسوية، وانعدام الموقف الجذري، وانعدام البدائل، وعدم الوضوح السياسي. ودليلنا الساطع على ذلك الكثير، ليس أقله تحوّل أحد الامناء العامين لحزب معارض الى وزير، وليس أكثره الاجتماعات التنسيقية المتتالية لأكبر قوة سياسية "معارضة" في البلاد مع مدراء ومسؤولي المخابرات العامة، وما بينهما وما قبلهما وما سيليهما من أحداث.
لحظة الانحدار
بدأت مقاومة التطبيع كحالة نضالية تنحدر ببطء منذ أزمة قائمة المطبعين التي اصدرتها اللجنة النقابية برئاسة علي ابو السكر عام 2001، وما تلاها من التحول البطيء الى المركزة والضعف والخوف في الهيئة القيادية للنقابات، وانعكاس ذلك على تكبيل حركة اللجنة النقابية التي كانت الاكثر فاعلية ونشاطاً (ربما على مستوى الوطن العربي) وخفوت صوتها وفتور فعاليتها. ونستطيع أن نحدد هذه اللحظة كلحظة قمة بدأت بعدها الأمور بالانحدار.
مقاومة التطبيع كمؤسسة هي حالة غير معزولة عن هذا المشهد السياسي، وتتأثر به، بل وفي بعض الاحيان تشكل انعكاساً مباشراً له، وعليه فان الارتقاء بمفاهيم وآليات واساليب مقاومة التطبيع يرتكز بشكل اساسي (وان ليس بشكل ميكانيكي بل جدلي) على الارتقاء بالمشهد السياسي المعارض برمّته، فما يستطيع فعله بضعة افراد يتحركون بدوافع ذاتية ويمتلكون الشجاعة والوضوح والتأثير ولا يمتلكون القرار المؤسسي والظهر التنظيمي هو إبقاء الحالة حية فقط، دون ان يستطيعوا تفعيلها او تطويرها او نقلها نوعياً الى مستويات متقدمة.
ان الارتقاء المطلوب يعتمد على التغير البنيوي في المشهد السياسي المعارض، وهو تغير غير متوقع على المديين القصير والمتوسط، وبالتالي فالاغلب ان يستمر التدهور ببطء ما لم تتخذ المؤسسات المعنية (واعني بها النقابات المهنية، واحزاب المعارضة) مبادرات نوعية لوقف التدهور اورد مقترحات حولها لاحقا.
عدم الاتفاق حول المفهوم
بخلاف لجنة مقاومة التطبيع النقابية التي احتاجت من اجل اعاقتها لضوابط "من فوق"، فان اللجنة التنفيذية العليا لحماية الوطن ومقاومة التطبيع لديها تحديات ومعوقات داخلية تحكم عملها تأتي من شكل تركيبتها الداخلية المشكلة اساسا من أحزاب المعارضة التي لا تتفق لا في المفاهيم ولا في الاستراتيجيات ولا حتى في التكتيكات فيما يتعلق بمقاومة التطبيع.
التطبيع فلسفياً يعني تحويل كل ما هو "غير طبيعي" أو غير عادل أو ظالم الى نقيضه. في حالة "اسرائيل"، يصبح موضوعنا هو تحويل المشروع الاستيطاني الاحلالي الصهيوني في فلسطين الى أمر "طبيعي"، أي الاعتراف بشرعية هذا الكيان وأحقية وجوده في الاساس. لكن لا يتفق الجميع مفاهيميا حول ذلك.
فالحزب الشيوعي الاردني مثلاً يعترف بقرار التقسيم، وبحل يقوم على قرار 242، ويعتبر dajoon.com/text.php?id=360