ثقافي - اكاديمي - إجتماعي - رياضي
عزيزي الزائر إن لم تكن مسجل لدينا , يرجى التسجيل
ثقافي - اكاديمي - إجتماعي - رياضي
عزيزي الزائر إن لم تكن مسجل لدينا , يرجى التسجيل
ثقافي - اكاديمي - إجتماعي - رياضي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


اهلا وسهلا بكم في منتدى ملتقى النورس الثقافي/حجه
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 مذكرات الروح

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
لمى محمود




عدد المساهمات : 4
تاريخ التسجيل : 17/03/2009

مذكرات الروح Empty
مُساهمةموضوع: مذكرات الروح   مذكرات الروح I_icon_minitimeالثلاثاء مارس 17, 2009 10:58 am

مذكرات روح

اليوم اخرجت لكم بعض من الذكريات من تحت قبو السنين الجاثمه في ركن من اركان ذاكرتي الحزينه ، الان ادع قلمي المتراقص ان يتكلم لا لساني ،حيث كان ينتصب على عرس الذكرى عن بلادي التي ربيعها رصاص , بواسق الزرع بنادق انهار حكايات لرجال سطروا ملحمة الخلود ، اتذكر ذلك اليوم بحذافيره , بأبعاد جرحه اللامتناهيه, عندما كانت اصابع الخريف تدق ابواب قريتنا من جديد .
مرت ايام خريف عام 1956 ببطئ شديد , كأن عجلة الزمان قد تعطلت و تتوالى الأيام في تشكيل للموت البطيئ ، باستثناء ذلك اليوم . الرابع والعشرين من شهر تشرين الأول تغيرت موازين الاشياء , وازداد تساقط الأشجار وحتى العصافير غنت بصوت حزين للدافنين ضميرهم في قبر الخمود , للقانطين في بيوت الزنك في جرح المخيم لاطفال غطى الاحتلال طفولتهم بوشاح التيتيم الأقصى يتأرجح على خيط رفيع ترك في تيه الحياه ، في ذلك اليوم غدى الزمن مسرعا وكانت في خيوط الشمس الذهبيه عبارات مبهمه ، والقمر الفضي يتكلم كلمات غير مفهومه حتى في عبير الزهر كان هناك شيئ غريب .
لم يكن يوم الرابع والعشرين من تشرين الأول غير تجهيزا ليوم العاصفة الكبرى, لليوم التالي ، لذلك اليوم المزاجي الذي طرز فيه الألم والخوف والرعب والدمار الموت باشكاله المختلفه بكل معانيه و بكل أثاره , التي حفرت في ذاكرتنا اخدودا عميقا لا ينسى.
بدأت ذكرى ذلك اليوم بأصوات جنود تصرخ :"أخرج من بيتك اطلع عالساحه " جمع كل أهل بلدتنا- بما فيهم نحن- في الساحة وسط البلده ثم بدأت المجزره ، وتغير معنى ذلك اليوم . فمن حصاد الزيتون الى حصاد الارواح ، اصدرت الأوامر للجنود بالقتل, فكان القتل بدم بارد لم ترحم الغربان شيخا طفلا فتاة امرأة او حتى رضيعا ، صف الناس صفوفا وبدأ الرصاص يدوي في اذاننا, رصاصات غادره تطلق من بنادق الوحوش لتستقر في صدور الناس ومن المناظر التي لن يغطيها غبار السنين ولن تزيلها اشد العواصف ، منظر منافي للعقل والآنسانيه ، كل انسان ولد برحمه الهيه الا اولئك الطغاة ، كان يقف رجل كهل ممسك بيديه طفلين وزوجته خلفهم تركوا كل الشباب والناس وتوجهوا اليه، ربما كان منظر الولدين المتشبثين فيه او خيوط الشمس التي عانقت جبهاهم قد شدته ،توجه اليه قائد الجيش الذي بدى حب الانتقام والشر في عينيه وقال ساخرا :"قف هنا " مشيرا الى جانبه –امام الناس- تشبث به ولديه اكثر وبدأت دموعهم تطرد ، وضع يده على كتف ولده وقال:" لا تخافوا يا ابي سأرجع " .حين اضحى الرجل أمام الناس قال القائد :"أعدكم سوف لن يرجع " موجها كلامه الى الطفلين-اشحت بوجهي بعيدا- ثم افرغ رصاصتين في صدره مزقتا جسده وسال دمه الأحمر مغذيا تراب ارضه وانطلق صوتان باكيان ، التفت قائد الجيش للطفلين والأم وقال:" اخرسوا " وازاء استمرار البكاء اطلق رصاصا اخمد هذان الصوتين ، لقد قتلوا الطفلين اللذان لم يبلغا الربيع الخامس من عمرهما ولم يخوضا معركة الحياة بعد وأكملوا على امهما ، وانطلقت الزغاريد التي تطلق عندما نواري اجساد شهدائنا الأرض ليأخذهم قطار الى رحم المستقبل الى ذلك الوطن الذي لطالما نسجنا عنه أجمل التخيلات .
ثم كان القتل والقتل كل رصاصة تمزق جسدا وكل جسد يصدر صرخه ، وكل صرخه تزيد في جرح كفر قاسم أكثر وأكثر وأكثر وكانت الصرخه الأخيره تجرح في الصميم واستشهدت كفر قاسم في ذلك اليوم استشهدت بلدتي الحبيبه التي وقفت على منصة الأعدام بشموخ واعتزاز,وبما أن القتل كان الهدف كان الطردلمن بقي حياً،وللأسف كنا من بين المطرودين ما عدا أخي الأكبر رامي , طردنا خارجاً نحن وبعضٌ من الناس في قريتنا،سرنا في طرقٍ فرعية على الأقدام واستقرينا في مكانٍ قرب جدول ماء،سافرنا على صوت رفيف ورق الصفصاف الذي كان يلحن اخر معاني الحرية بتنا تلك الليلة تحت تلك الشجرة الحزينة نصبت الخيام وفي منتصف الليل خرجت من خيمتنا وجلست قرب الجدول وتجاذبنا أنا والقمر أطراف الحديث ونظرت إلى النجوم التى لطالماحدقت بها من فوق سطح بيتنا ليلاً،محاولاالتعرف على اسرار هذا الكون . كنت أحلم تلك الأحلام الطفولية،أتطلع إلى وطنٍ مستحيلٍ هناك بين ثنايا الوجود ,ولكنني في ذلك اليوم ادركت الحقيقة ان ذلك الوطن هوكفر قاسم بذاته . لكنني ساميط اللثام عن وجه الحقيقة, لن يغرقوها في الصباح تفرق الناس وذهب كل منا في حال سبيله ,وذهبنا الى نابلس عند اقاربنا وقامت امي ببيع ذهبها واشترينا بثمنة بيتا صغيرا في احد احياء نابلس القديمة ,لقد نشانا في نابلس ودرسنافي مدارسها رغم حنيننا الى كفر قاسم ,وفي احد ايام الشتاء الغابرة اصيبت أصيبت أختي بحمى وطلبت مني امي بأن اخذها معي الى الطبيب ، في اليوم التالي اخذت اختي التي بلغت الواحد والعشرين واكتمل جمالها فقد اخضر الربيع في عينيها يستحي منها القمر وشهدها فيه احلى معاني العطر والزهر وحين وصلنا الى الطبيب كان هناك رجلا غريب نظر الى اختي فلربما اعجب بجمالها ثم تهامس و الطبيب بكلمات غير مفهومه وودعه وذهب ، سألت:"الطبيب عن هذا الرجل " فقال لي :" هذا ابن عمي من حيفا ، والأهم ماذا تعاني اختك ؟" فقلت له :" انها تعاني من الحمى وقد ازدادت معها " ثم فحصها وقال لي :" لقد تقدمت معها الحمى وأعطاها الدواء المناسب ، خرجنا من العياده واستقلينا السرفيس ، وحين وصلنا البيت كان الطعام مجهزا على الطاوله، فتناولت القليل من الطعام وذهبت الى غرفتي لأدرس –نسيت ان أخبركم اني بالثانويه العامه ومن المتفوقين جدا في الدراسة ، لكن ذلك الشخص الغريب شغل تفكيري وأصبح شبحا يحوم حولي ، الذي رسمته في مخيلتي على أنه الرجل المبهم بين طيات الظلام وأحسست اتجاهه بشعور غريب ، ونمت ليلتي وأنا أفكر برجل اظلام ، لقد كانت توقعاتي في محلها ، ففي اليوم التالي جاءنا نفس الرجل ومعه امرأة مسنه وطلبا يد اختي فاطمه، وأخبرناه بأننا سنرد جوابا ، رغم ان موقفنا كان الرفض لأنه كبير وأرمل . ذهبت الى المدرسه في اليوم التالي كأي يوم عادي وحين عدت لاحظت وكأن الحزن يخيم على البيت ، فتحت الباب كانت أمي تبكي وأختي حزينه إلا واحد سعيد بأنتصاره وهو زوج أمي –عمي أخو أبي- لأن التقاليد كانت تقضي بأنه اذا توفي الأب انتقلت زوجته الى أخيه حتى لا يذهب الميراث الى خارج العائلة ورمى القدر بأمي بين يدي هذا المتعصب الذي عذبها بالماضي وهو الان يعذبها من جديد ، سألت أختي عن سبب حزنها"فقالت:ألن تباركي لي ؟ سأتزوج بذلك الرجل .فقلت:بالله عليك وهل أنت راضية؟" كنت ادرك أنها غير راضية و اقرا في عينيها سطور الخضوع و أرى الدموع تترقق فيها ،وارى ما في قلبها الشفاف الأصفى من دميعات المطر،فقلت:"لقد أقنعك هذا الكل..."مشيراً إلى زوج أمي , فوضعت يدها على فمي ثم قالت بعجز:"هذه هي الحال،لقد فكرت ملياً في الموضوع ورأيت من الأفضل أن أتزوجه فهو....غني".
أحتضنت أختي وقبلت يد أمي ثم قلت: "الوداع"،وخرجت ن البيت مسرعاً رغم توسلات أمي وصراخها و بكائها التى لم ترجعني ولم تجعلني التفت ألتفافتاً واحدة, كنت في أوج غضبي وركبت السرفيس وتوجهت مباشرةً نحو رام الله عند صديقي الذي كان في سكنٍ هناك فقلت له:"لقد وافقت على منحة الدراسة إلى ألمانيا"-التى كان قد عرضها علي سابقاً بما انني من الطلاب المتفوقين-،وفي غضون أسبوع سافرنا إلى ألمانيا نحن وصديقي وثلةٌ من الطلاب والمعلمين إلى المنحة الطبية.
عملت دكتورة ًفي جامعات المانيا وكان وضعي هناك اكثر من ممتاز،وحين راودني الحنين إلى الوطن رجعت إليه محملاً بأجمل الأشواق.
سافرت من المانيا إلى فلسطين ثم أستأجرت غرفةً في احدى فنادق حيفا،واول مكانٍ توجهت إليه في الرحلة بين ربوع الوطن هو كفر قاسم،وعندما شارفنا على بوابتها رأيتها تكبروتكبر أمامي وتتراقص أضوائها كثرياةٍ ،أغمضت عيني أردت أن أرى كفر قاسم كما رأيتها في السنين الخوالي ،أردت أن أشم أريج زهورها وحبات الندى اللؤلؤية النى تنثرها السماء على أوراق اشجارها أردت أن أحس برائحة طابونها أن أرى نساءً يلبسن الأثواب المطرزة والاولاد تحلقوا حول عجوزٍ مشدوهين بحكاياتها ولكني لم ارى شيء من هذا القبيل لقد تحولت كفر قاسم إلى بلدة إسرائيلية وتبدل كل شيئ فيها,رجعت بحزنٍ إلى الفندق ووصلت بصحبة الغسق , وعند المدخل توقفت برهة , وهرولت نحو الشاطىء وعانقت رماله مستلقيا وحدقت بالشمس التى بدأت تتلاشى في البحر، والأمواج تتلاطم برقة معانقة الرمال،فرأيت جسماً صغيراً يرسل التنهدات قد أختبء منة الجانب المظلم من الشاطى،توجهت إلى هذا الجسم فإذ بها أمرأة , وضعت يدي على كتفها فالتفتت إلي وبان بريق عيونها الخضر إنها ...إنها أختي فاطمة هذه عيونها وهذه قلادة امي التى تزين رقبتها،فأشاحت بوجهها وأختفت بين طيات الظلام كالشبح،رجعت بادراجي إلى الفندق وأيقضت ذاكرتي من جديد وكتبت هذه المذكرات التى أسميتها مذكرات الروح،وفي الصباح تناقلت الأخبار بأن هناك أمرة خضراء العينين جميلة قد وجدت منتحرةًفي البحر. لم استفسر عنها ولم اعرف أو بالأحرى لم أرد ان أعرف لمن تعود.


لمى الفراحنة
حجــــه في 24\10\2007
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
محمود الفراحنه
مدير ملتقى النورس الثقافي
مدير ملتقى النورس الثقافي



عدد المساهمات : 117
تاريخ التسجيل : 16/03/2009
العمر : 72
الموقع : sammour5@hotmail.com

مذكرات الروح Empty
مُساهمةموضوع: شكرا للمساهمة   مذكرات الروح I_icon_minitimeالأربعاء مارس 18, 2009 3:07 am

شكرا لولو على مشاركتك القيمة والواعدة .
الى ألأمام والمستقبل مشرعا امامك .

محمود الفراحنه
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
مذكرات الروح
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
ثقافي - اكاديمي - إجتماعي - رياضي :: المنتديات العامه :: قسم الثقافه-
انتقل الى: